الاثنين، 4 نوفمبر 2013

من وحي الحب: بقلم د. مرفت محرم


من وحي الحب: بقلم د. مرفت محرم


عصفوران ينسجان عُش حلميهما الجميل، على شجرة الحب متآلفة الأغصان، وارفة الظلال.

يحلقان في سماء الأمل، ويتعاشقان في ضوء الشمس، يغردان بجناحي السلام والأمان، فتعزف لهما الطبيعة الخلابة، سيمفونية الأمل والسعادة.

إنه الفتى مصطفى، الذي أحب ميري، زميلته في الكلية؛ وتعاهدا على الزواج، يقتربان من بائع الفل، يقلدها عقداً، تبادله ابتسامة ندية، من ثغرها القرمزي.

تعبقهما سحابة غير مرئية من أريج العقد، فينتشيان بهجة وسعادة، ويجذبهما النيل، الذي منح الفل والياسمين عطرهما الخلاب.

وهناك؛ حيث تتعانق القلوب والأرواح، على ضفافه السندسية، ونسيمه العليل، يجمعهما النيل بصفاء صفحته، وعطاء محبته، يجلسان قبالته، وحديث عيونهما يشي بالحب، فيبتسم النهر، يقذفانه بوردة في تدلل ورفق، كي يغمض عينه عنهما، في حالة الهيام والعشق.

كبغتة البركان، يبدد الهدوء دوي انفجار هائل، تتزلزل الأرض، وينتفض الجميع في حالة من الذعر الشديد، تستمسك ميري بمصطفي، فيحميها بكلتا يديه، يمنحها بشجاعة الذهول التي تملكته؛ بعض الهدوء.

تتسمر أقدامهما من هول الصدمة، في الوقت الذي يشاهدان فيه هرولة الناس في الشارع الرئيسي، يحاولان فك طلاسم اللغز، بمعاونة أي منهم، تفشل المحاولة، تنتقل إليهما عدوى الجري، فينفك أسرهما، وينطلقان مستوقفين أحد اللاهثين، مستوضحين منه الأمر، فيجيبهم بصعوبة:
ـ قنـ قنـ.. قنـ قنـبلة

يعبران الشارع بصعوبة، مخترقان سيل السيارات المسرعة، في طريقهما للمقهى المقابل الذي اكتظ برواده العابرين الذين لجأوا إليه للاحتماء

يلتقطان أنفاسهما بصعوبة بالغة، يصيح جمع من المتواجدين، وهم يشيرون إلى التلقاز:
ـ دعونا نتابع الأمر، يا مينا، ويا أحمد، يا جماعة الهدوء الهدوء...

يظهر على الشاشة المذيع اللامع، وهو يقدم محللون استراتيجيون، يعتدل كل منهم في جلسته، ويضبط قميصه، ورابطة عنقه، وبزته، وفي هذه الأثناء يظهر شريط الأنباء أسفل الشاشة: مصرع أربعة وجرح تسعة إثر انفجار قنبلة ألقيت على كنيسة، ويبدأ ضيوف الحلقة، في الدوران حول فراغ ادعاءاتهم؛ بوجود احتقان طائفي...

يخفق قلب ميري، يدفعها الحزن والألم للانطلاق بعيداً، عن أجواء الكراهية والعداء، تعود إلى النيل، تخاطبه بدموعها؛ فتمتد يد مصطفى الذي لحق بها، مانحاً إياها شبكة عرسهما، في زواج أبدي.
رابط مباشر لطباعة القصة من دنيا الوطن:
http://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/323744.html