الأحد، 7 أغسطس 2011

الابتسامة الثالثة بقلم: د.مرفت محرم

الابتسامة الثالثة
بقلم: د.مرفت محرم

(1)
ليلى تلك الفاتنة، التي سلبت الألباب، بجمالها وسحرها الخلاب، كثر خطابها، إلى أن جاءها أحمد (زينة الشباب)، الجالس الآن بجوارها، يبادلها نظرات الحب والإعجاب، وحولهما جمع من الأهل والأصحاب، يباركون ويدعون لهما، بالسعد والإنجاب...
ووسط أجواء الفرح والسعادة، يتقدم المنلوجست كالعادة؛ ليداعبهما بكلمات، ممازحا ليلى بالذات:
ـ ماذا تفعلين لو دخل عليك الأستاذ أحمد في يوم من مقبل الأيام، وهو يحمل طفلا من زواج ثانٍ؟
أجابته باطمئنان وبابتسامة ساخرة، معبرة عن شعورها بأن هذه المزحة جائرة...
وراحت تحدث نفسها، مباهية بجمالها الفتان، والذي لايجاريها فيه إلا الحور الحسان:
ـ إن ما يقوله هذا المأفون، هو ضرب من العبث والجنون!.
وما تلبث أن تستجيب ليد عريسها الحنون، فتقوم، وتغادر معه المكان، وينطلق العصفوران؛ ليحلقا في سماء الحب والانسجام، بعيدا عن عيون الصحب والخلان.
(2)
بعد سنوات من زواج سعيد، هاهي ليلى تقبل من بعيد ملبية حاجات الصغار، منشغلة عن زوجها، بتربية أولادها، وبطهيها وغسيلها ونظافة بيتها...
فلم يجد بدا من قتل وقته، وشغل ذهنه وعقله؛ بالقراءة والاطلاع، والمشاهدة والاستماع، إلى أن هداه تفكيره للولوج إلى الشبكة العنكبوتية؛ فدلف إليها، ونبض قلبه بحب جديد، ظل طي الكتمان لسنوات...
لعب الشك برأس زوجته، عندما لاحظت تكرار غيبته، وطولها، بعيدا عنها وعن أولادها؛ فبدأت تحاور نفسها:
ـ أين ذهبت كلمات الحب التي كان يمطرني بها؛ فيرتوي عطشي، وتنتعش أنوثتي... إن جمالي وحسني لم يتبدلا، هو الذي تغير، وأصبح لا يطيق الوجود في المنزل!.
مر برأسها شريط الذكريات، وبرزت كلمات المنلوجست:
ـ ماذا تفعلين لو دخل عليك بطفل من زواج ثان؟
حينئذ اعترتها ابتسامة أخرى، وعزمت على...
(3)
الطرق على الباب شديد، وجرس الباب بغير انقطاع؛ هرولت ملبية من بعيد بقلق وارتياع:
ـ حاضر... حاضر
فوجئت بزوجها يحمل طفلا، ويتمتم بعبارت ليست همسا:
ـ هربت الملعونة إلى بلادها، وسرقت أموالي كلها!... سامحيني يا حبيبتي...

لم تنطق ببنت شفة، وأفصح وجهها عن ابتسامة ثالثة، ثم سقطت مغشيا عليها.

المنتقبة بقلم: د.مرفت محرم

المنتقبة
بقلم: د.مرفت محرم
(1)
عرفته الملاهي الليلية؛ بصورته المخفية، خلف ستار من وقار وهيبة، يخفي وراءه خيبة السعي نحو ملذات شهوانية، ومتع دنية.
يأتيها كل ليلة وجيبه ملآن، فيفرغه الشيطان، في كؤوس الخمور، والغيد الحسان؛ ثم يعود لبيته من جديد، في حالة من السكر، والإعياء الشديد.
لم يكن منصور، إلا رجل أعمال مشهور، جافته أمواله الطائلة؛ فسعت به نحو متع وقتية زائلة.
(2)
لم يحقق منصور مبتغاه؛ فخرج من ملهاه، باحثا عن صيد آخر، في غير تلك المواخر؛ شاهد فتاة منتقبة؛ فجذبه الشوق، لجسدها الممشوق، واقترب الصائد من صيده، ملقيا حولها شِباك حبه؛ فعبرت بدلال عن دهشتها لجرأته.
(3)
دعاها لركوب سيارته الفارهة؛ رفضت بإباء، طالبة الاكتفاء بركوب التاكسي؛ خشية أن تترصدها عيون الرقباء؛ كما أن منزلها في منطقة شعبية، لا تستوعب حواريها العشوائية، دخول سيارته المرسيديسية.
(4)
جلس إلى جوارها على الكرسي الخلفي، ممنيا النفس الأمارة؛ بسعادة لا تسعها تلك الحارة.
وقبل الوصول؛ توقف السائق وهو في حالة ارتباك، تقدم شابان وأمرا منصور بالنزول، وهما يصيحان في وجهه الأصفر الشاحب:
ـ كيف تجرؤ على اختطاف شقيقتنا الملتزمة أيها المنحل الساقط؟
قبل أن يجيب، جذباه من جديد، وجرداه من ثيابه، وربطاه في شجرة جفت أغصانها، وتساقطت أوراقها.
ثم انطلقوا بسيارتهم التاكسي؛ نحو صيد آخر.