الاثنين، 3 أكتوبر 2011

ثورة جدران

ثورة جدران
بقلم: د.مرفت محرم
.........................

قبل ولوجه إلى الدار، عائدا من غربته الطويلة، راح يتأمل جدرانها التي كانت مزدانة بثوبها الأبيض، مباهية بحسنها وبهائها، تلك الدار التي بناها الأجداد وحماها وحافظ عليها الأبناء والأحفاد... وما أن استعاد في رأسه شريط ذكريات الطفولة والصبا والشباب؛ حتى استوقفته تلك العبارات المتناقضة التي شوهت الحائط بمداد أسود كئيب، كلون تلك الأعوام التي قضاها في بلاد باردة، لا تعرف دفء المشاعر، ولا عمق الترابط الأسري، الذي كان يحياه هنا في هذا البيت، قبل أن تتحول حوائطه إلى ساحة عداء واستعداء، لنشر الفرقة والبغضاء...

حاول بدموعة التي انسكبت كشلال منهمر أن يزيل ما علق بالحائط من أوساخ، لكن محاولاته الحثيثة باءت بالفشل...

في الصباح استعد بكل همة لإنجاز المهمة التي لم يستطع تحقيقها بالأمس؛ فخرجت معه أسرته عن بكرة أبيها، عاقدين العزم على إزالة هذا التشوه ودرئه عن دارهم؛ فكانت المفاجأة في انتظارهم:
تحولت غيوم السماء إلى مطر غزير؛ فأزالت قشرة البياض الملوث، وشمر الطوب الأحمر عن ساعده، في مواجهة من تسول له نفسه إعادة الكرة، مرة أخرى.


السبت، 1 أكتوبر 2011

النظارة بقلم د.مرفت محرم

النظارة
بقلم د.مرفت محرم
(1)
ـ من خلف نظارته السميكة تخترق نظراته كل الحجب، سحر عيونه الذي جذبني إليه يمكن أن يجذب غيري.
ـ أتذكرين يابنت يانوال ليلة أمس عندما كنا في زيارة لبيت عمه؟
ـ يالها من جريئة ومتبجحة؛ تناديه باسم الدلع!
ـ صحيح هما أبناء عمومة، ولكن لكل شىء حدودا؛ فأنا الوحيدة التي ينبغي أن أناديه: "حسونة"
ـ ألم تلاحظي أنه كان يبادلها نظرات الإعجاب؟
ـ نعم رأيته عندما خلع نظارته وزاغ بصره نحو كل النساء الموجودات، ثم (بربش) لهن جميعا دون تمييز
ـ وهل ستصمتين بعد كل هذا؟
ـ لا لا... لابد من إجراء يحميه منهن، فلا يرى غيري.
قطع عليها حبل أفكارها جرس الباب:
ـ نعم... حاضر
تفتح، وما أن تراه حتى تندفع نحوه بالأحضان:
ـ حسونة حبيبي... وحشتني موت
ـ لم أغب عنكِ سوى دقائق!
ـ الدقيقة في بعدك سنة ياحبيبي.
يمنحها قبلة سريعة، ثم يدلف نحو الحجرة لتغيير ملابسه.
تعود لحوارها الداخلي:
ـ لم يقل لي وحشتيني يا نونة؟!
ـ بالتأكيد رأى العديد من السيدات والفتيات وهو في طريقه إلى السوبرماركت.
 (2)
استيقظ من النوم، وتناول فطوره، وارتدي ملابسه؛ شىء عجيب لاحظه عندما ارتدي نظارته؛ زغللة وعدم وضوح رؤية؛ عزم على تغيير وجهته واستشارة الطبيب قبل الذهاب لعمله...
ـ ولد ياحسين يكون عندك مرض السكر وأنت لا تعلم؟
ـ لقد أجريت تحليلا منذ أسبوع ولم يثبت هذا
ـ ترى ما السبب في تدهور حالة الإبصار؛ كل أسبوع كشف نظارة جديد؟!
أثناء صعوده سلم عمارة الطبيب ترنح فسقط على الأرض...
التف حوله الناس لمساعدته على النهوض:
ـ هذا الرجل (ملموس)؛ كان يكلم نفسه أثناء سيره!
ـ حرام عليكم ياجماعة؛ إنه رجل محترم نظره على قدره وطالع للدكتور محيى الدين
(3)

عاد إلى بيته بعد أن اتضح له أن عدسات نظارته أبدلتها زوجته بعدسات نظارتها؛ كي لايري غيرها!.