الأحد، 7 أكتوبر 2012

مفترق طرق

مفترق طرق

فى رحلة تحفها السكينة والإيمان، وتغشاها المودة والرحمة والاطمئنان، انطلقت الحاجة سامية وصديقتها لمياء إلى الأراضى المقدسة للقيام بأداء مناسك العمرة فى شهر رمضان الكريم، تحملان الأشواق والحنين لملاقاة بيت الله الحرام؛ رافعتين أصواتهما بالتلبية والحمد والتكبير...

وعند وصولهما إلى الحرم المكى وسط الجموع، فاضت أعينهما بدموع السعادة والانشراح؛ وهما تنظران بشغف وسكينة وطمأنينة وارتياح إلى أحب الديار لحبيب القلوب والأرواح محمد صلى الله عليه وسلم ....

ذهبت سامية الأكثر معرفة؛ إلى الكعبة المشرفة، مصطحبة لمياء لأداء مناسك العمرة، وأفئدة الجموع تحلق كالطيور، حتى سالت الدموع على الصدور، والجوارح يتملكها الخشوع والخضوع للرحيم الرحمن، بدءً بالطواف حول البيت الحرام، ثم السعى بين الصفا والمروة ثم التحلل، إلى آخر تلك المناسك والأركان....

 وبعد إتمامها على النحو الصحيح، عادتا إلى الفندق المريح؛ فتناولتا وجبة السحور استعداداً للصيام، وتوالت الأيام فى الذهاب إلى الصلاة وقراءة القرآن الكريم ، حتى انتهت بطواف الوداع استعداداً للرحيل ....

انطلقت الحافلات مغادرة مكة الحبيبة؛ إلى مدينة جدة العريقة العتيدة، وفى استراحة المطار، تناولتا وجبة الإفطار ، وراحت سامية ولمياء تتذكران فى سعادة بالغة تلك الأيام التى جمعتهما على الإيمان؛ ويشكران المنعم على أن أكرمهما بتلك الزيارة فى شهر القرآن، وأثناء الحديث قامت لمياء بإهداء صديقتها كتاباً للدعاء موقعة عليه بإهداء ....

لم يمض وقت طويل؛ حتى قام منظم الرحلة بالمناداة على  المعتمرين؛ لإحضار جوازات سفرهم؛ استعداداً لركوب الطائرة فى طريقهم لبلدهم ....

أخرجت سامية جواز سفرها من الحقيبة فى ثوان؛ وبدأت لمياء تبحث عن جواز سفرها بلا جدوى ولا تبيان؛ بدأت الأرض تموج بها، والاضطراب يلاحقها، وأخذت تفكر بصوت عال مسموع: وكيف يمكننى السفر والرجوع، كيف أعود وجواز سفرى مفقود؟ ماذا أفعل؟ يا إلهى ... يا إلهى

أخذت لمياء تبحث بجنون؛ وتجول بين صالة السفر والوصول؛ باحثة فى ذهول عن جواز سفرها المفقود؛ فياله من شعود بالقهر، ويالها من لحظات أطول من الدهر؛ ارتفع عندها صوت الميكرفون منبهاً المعتمرين للذهاب إلى باص المغادرة؛ الذى سينقلهم إلى الطائرة

ودعت ساميه لمياء؛ وهى منخرطة فى البكاء؛ فمدت يدها إلى كتاب الدعاء؛ عله يعينها فى رحلة بحثها ويجعل لها مخرجاً من هذا العناء والشقاء؛ فمدت لمياء يدها لتفتحه داعية الله أن يفرج كربها ويعيد إليها ضالتها الآن وقبل فوات الأوان؛ فحدث مالم يكن البتة فى الحسبان، هللت لمياء فقد وجدت جواز سفرها داخل كتاب الدعاء ....

لم تسع ساميه الفرحة فرجعت مهرولة إلى حبيبتها، ورفيقة رحلتها الإيمانية؛ وراحت تحتضنها بشدة؛ واصطحبتها  ليودعا جدة، دون أن يفرقهما طريق العودة .

الأحد، 9 سبتمبر 2012

سقط سهواً


سقط سهواً
وقف القلم حائراً فى يد التلميذ
الوقت يمر
المعلم ينتظر
ساعات اليوم الدراسى جميعها
لاتكفى للكتابة عن هذا الموضوع
سطر حروفاً ثلاث وسلم الورقة
تعجب المعلم من هذا العنوان
إنه لا يصلح إلا للنشر فى صفحة وفيات جريدة شهيرة ...
سأله بعصبية واندهاش :
ـ من الذى مات ؟!
فأجاب :
ـ لقد علمتنا أن (أز) : تعنى ضم الشىء بعضه إلى بعض  ... وعندما أززت الأزمات السياسية
والأزمات الاجتماعية
والأزمات الاقتصادية ...
إلى بعضها البعض
سقط المواطن سهواً من حسابات المسئولين ...
ومات 

الأحد، 2 سبتمبر 2012

الساخر للكاتبة: د.مرفت محرم

الساخر
للكاتبة: د.مرفت محرم
(1)
في حفل بديع يستمتع فيه الجميع بالموسيقى والألحان؛ توالت الفقرات فقرة تلو فقرة؛ بشكل أضفى على المكان بهجة ومتعة...
(2)
فجأة توقف الرقص والغناء والألحان، وساد المكان صمت تام، ليقدم الساحر فقرته العجيبة، بمخاطرها الرهيبة، حيث وضع الطفلة كالمعتاد، في صندوق له باب، ثم أغلقه عليها، وراح يجهز سيفه الحاد، في الوقت الذي تجمعت فيه العيون البارزة، والأنفاس اللاهثة، والأفواه الفاغرة، والآذان الصاغية الصاغرة، نحو المشهد العجيب الرهيب...
(3)
اعتقد الجميع أن الدماء المنهمرة، ليست إلا خدعة، تخرج بعدها الطفلة مع الساحر المشهور؛ لتحية الجمهور، وينتهي الدور بالتصفيق كالمعتاد...

غير أن الباب لم يسمح إلا لروحها بالصعود، وللساحر العجيب بالهروب.

المحاكمة

المحاكمة
بقلم: د.مرفت محرم
(1)
غرفة صغيرة يفصلها عن السماء سقف خرساني مسلح، ومن بابها العتيق يدلف قاطنها الوحيد، وهو يلهث:
ـ الحمد لله
قالها بعد أن نظر إلى ساعته، ويده الأخرى تمتد نحو مفتاح التلفاز، عدل القناة لمتابعة فيلم الرعب والعنف والقوة والإثارة، الذي لا يمل رؤيته...
لم يستطع الاستقرار على الأريكة المقابلة للشاشة بل راح يتأرجح بين الجلوس والوقوف في حالة من التوتر والانفعال، وهو يشير للبطل بحركات مستنهضة وأخرى مشجعة، يصفق حينا، ويتحسر حينا آخر...
 أغمض عينيه على المشهد الأخير، واستلقى منهكا على سريره، وسافر إلى عالم آخر لا يدري عنه شيئا.
(2)  
ساحة كبيرة، وجموع غفيرة، تتابع عن كثب تلك المحاكمة المثيرة، لم يكترث بالأمر، وحاول المضي قدما في طريقه، إلا أن شيئا ما استوقفه وأثار رعبه وفزعه؛ تسمرت قدماه، وجحظت عيناه، وفغر فاه:
ـ يا إلهي، لقد أعلنوا اسمي على رأس قائمة المتهمين!.
(3)
في القفص الحديدي، كادت أنفاسه تخرج من قفصه الصدري، شاركه الحبس كل من ذكر اسمه، وراحت تتلى عليهم قائمة الاتهامات الموجهة لهم كل حسب اسمه وصفته...
بدأ الخوف والفزع يتملكه، والوقت يمر عليه كالدهر؛ فلا حيلة للإنكار، ولا وسيلة للهروب، ولا صديق ولا أهل ولا مدافع، والتهمة الأخيرة تخترق أذنيه، ترجف قلبه، تفصد جبينه، وتعقد لسانه: 
ـ "بلغت صلواتك الفائتة 99 صلاة؛ ما قولك؟
أذان الفجر يوقظه قبل اكتمال العدد مائة.



السبت، 7 يوليو 2012

وعاد الحمار بقلم: د.مرفت محرم

وعاد الحمار
بقلم: د.مرفت محرم
(1)
إلى البحرحملوه، ووضعوه بمفرده في زورق؛ وما كاد يركب، حتى انطلق به على غير وجهة؛ تقاذفت الأمواج زورقه، حتى كادت أن تغرقه؛ فنهق في الفضاء، نهقة الجهلاء:
ـ كيف أوجهه أو أتحكم فيه كما أشاء؟
عندئذ ارتفعت أذناه؛ عله يتلق ردا على شكواه!
(2)
على الشاطئ المقابل وقفوا يرقبون حركته، ويسجلون بالصور انفعالاته وحيرته، وهم من ربطوا الزورق بحبل طويل مبروم؛ ليجذبونه به عند اللزوم...
(3)
وهم على حال من الجدال، بين فريقين: فريق يؤمن بأن الأزمات تصنع المعجزات، وأن الحمار يمكنه أن يقود الزورق إذا شعر بالخطر المحدق...
وفريق يؤمن بنظرية أهمية العقل وإعمال الفكر بتدبير، أساسا لكل ابتكار وتطور وتغيير
(4)

نجح الحمار في تحمله وصبره، وفشل في إعمال فكره وعقله؛ فأعيد من البحر إلى أرضه؛ ليحمل على ظهرة الأثقال، التي ينوء بحملها الأبطال.

الأحد، 13 مايو 2012

الزلزال


الزلزال

أفزعنى من نومى الهادىء؛ انفجار مفاجىء.... شعرت بدوار، الأرض (أم الأسرار) تتحرك بغير استقرار؛ حركات تنبىء بشر وخطر، تهدد الحياه ، وتخالف اتجاه إرادة البشر ....

ترك الناس بيوتهم، وبحثوا عن مكان يحقق لهم الأمان؛ إلى أن وجدوه؛ فى الميدان .

الأحد، 6 مايو 2012

الحصة الأخيرة


الحصة الأخيرة

فى مشهد مروع رهيب، راحت الأم تبحث عن ابنها الوحيد، تنادى عليه وسط أشلاء لا تسمع ولا تجيب.. أشلاء اختلطت بالدماء على قضبان قُدت من حديد....

منذ دقائق معدودات كان التلاميذ والتلميذات فى حصتهم الأخيرة كعادتهم الأثيرة يستعدون بهمة ونشاط لركوب  السيارات التى ستقلهم إلى بيوتهم ... يمازح بعضهم بعضاً ... ويتحدثون أيضاً عن رحلتهم القادمة إلى العاصمة حيث سيزورون من المعالم الكثير والكثير وعلى رأسها ميدان التحرير ...

حقائب مدرسية سوداء تعلوها حمرة الدماء وكأنها العلم .... يعلو الصراخ والنحيب والصياح؛ على من أدوا فى الصباح تحية العلم .... وبعد قليل من زمن؛ أضحى العلم هو الكفن .

الرحمة

الرحمة
بقلم: د.مرفت محرم
(1)
من خلف زجاج النافذة رفع رأسه للسماء الملبدة بالغيوم؛ باحثا عن شعاع شمس يدفء أوصاله التي كادت تتجمد من البرد القارس، ثم عاد إلى فراشه الوثير ليتدثر بأغطيته ويستمتع بحرارة جهاز تكييفه، بجوارة بعض الحلوى وكوب من الحليب الساخن أحضرته للتو زوجته، التي راحت تنادي على  أولادهما للحضور لتناول طعام العشاء ومشروبات المساء...
(2)
نهض من نومه، ارتدى ملابسه الثقيلة، ودع زوجته متوجها إلى عمله، وفي الطريق توقف كعادته عند بائع الصحف، ولم يلق بالا بتلك الطفلة الهزيلة بثيابها المهلهلة البالية والتي كانت على بعد خطوات متكومة على بضاعتها من المناديل الورقية لتحميها من المطر...  
أزاح بماسح زجاج سيارته مياه الأمطار التي بدأت تتساقط بغزارة، وتدفعه للسير برفق كي لا تتعرض السيارة للانزلاق...
(3)
بعد يوم طويل من العمل المضني، حان موعد عودته لبيته، امتدت يده إلى علبة المناديل ليخرج منديلا؛ فتحرك على الفور شريط المشهد الصباحي لتلك الطفلة الصغيرة؛ فانطلق من فوره، مسرعا نحوها...
توقف قلبه بعد أن توقفت سيارته قبالة الرصيف الذي كانت تجلس عليه؛ التفت يمنة ويسرة، متسائلا عنها؛ اقتربت منه سيدة عجوز وأجابته:
ـ لقد قضت إثر نزلة برد حادة...
أصابته الدهشة وبدا عليه الحزن الشديد؛ فسألته عن سر اهتمامه بأمرها؛ فأجابها:
ـ (الرحمة)... تأخرنا عنها؛ فسبقنا إليها.


الأحد، 8 أبريل 2012

مراجل الغضب بقلم: د.مرفت محرم

مراجل الغضب
بقلم: د.مرفت محرم

وقف نور في إشارة المرور مستقلا دراجته البخارية حاملا في صندوقها الأبيض علاجا وأدوية، من الصيدلية التي يعمل بها، في طريقه إلى مريض كان قد طلبها، ظل بعينيه يترقب الضوء الأخضر رمز الأمان؛ لكي يمر بسلام...

ماهي إلا ثوان، حتى حدث انفجار شديد؛ تحول على إثره المكان، القريب والبعيد، إلى ساحة معركة حقيقية، بين جموع البشر، الذين شعروا بالخطر، من عدو جبان، آثر أن يفعل فعلته الخسيسة، وينفذ مؤامرته الخبيثة، من وراء حجاب...

امتدت النيران من موقع الانفجار، إلى البيوت والمحال، والمؤسسات، والأشجار التي كانت خضراء؛ فحولتها إلى أشباح سوداء بلون الليل البهيم، وسط صراخ المارة وعويلهم، والذين حالت بينهم وبين بعضهم؛ الأدخنة الكثيفة، والأفكار المخيفة؛ فاندفعوا مهرولين على غير هدى، وقد بدا الرعب والفزع يرتسم على وجوههم، خشية ماقد يقع لهم من مصائر محققة، وأخطار محدقة...

أحس نور بما يشبه العرق؛ فاكتشف أنه قد غرق في بحيرة من الدماء، التي انفجرت من كافة أنحاء جسده؛ فارتطم بالأرض، وغاب عن وعيه...

في غرفة الاستقبال، بالمستشفى الذي اكتظ بالضحايا والمصابين، أفاق نور على هذا المشهد الأليم...
وإذا بشرطي يدخل المكان، فتسود حالة من الاطمئنان، بإعلانه أنهم تمكنوا الآن، من إلقاء القبض على منفذ الانفجار، أثناء محاولته الفرار.
صرخ شيخ كبير في الستين من عمره:
ـ إنه مخطط شيطاني ينفذه إبليس و أعوانه لعنة الله عليه.

ماهي إلا لحظات حتى جاءت إحدي السيدات، محمولة على محفة المشفى والدماء منها تسيل، وطفلتها الرضيعة لقيت مصرعها، وبينما الطبيب يحاول إسعافها، إذ بأحد المصابين يتعرف عليها، ويصيح في الموجودين:
ـ إنها زوجة الجاني.اللعين.
عندئذ تحولت إشارة المرور إلى اللون الأخضر؛ فانطلق نور مسرعا نحو وجهته.