الأحد، 2 سبتمبر 2012

المحاكمة

المحاكمة
بقلم: د.مرفت محرم
(1)
غرفة صغيرة يفصلها عن السماء سقف خرساني مسلح، ومن بابها العتيق يدلف قاطنها الوحيد، وهو يلهث:
ـ الحمد لله
قالها بعد أن نظر إلى ساعته، ويده الأخرى تمتد نحو مفتاح التلفاز، عدل القناة لمتابعة فيلم الرعب والعنف والقوة والإثارة، الذي لا يمل رؤيته...
لم يستطع الاستقرار على الأريكة المقابلة للشاشة بل راح يتأرجح بين الجلوس والوقوف في حالة من التوتر والانفعال، وهو يشير للبطل بحركات مستنهضة وأخرى مشجعة، يصفق حينا، ويتحسر حينا آخر...
 أغمض عينيه على المشهد الأخير، واستلقى منهكا على سريره، وسافر إلى عالم آخر لا يدري عنه شيئا.
(2)  
ساحة كبيرة، وجموع غفيرة، تتابع عن كثب تلك المحاكمة المثيرة، لم يكترث بالأمر، وحاول المضي قدما في طريقه، إلا أن شيئا ما استوقفه وأثار رعبه وفزعه؛ تسمرت قدماه، وجحظت عيناه، وفغر فاه:
ـ يا إلهي، لقد أعلنوا اسمي على رأس قائمة المتهمين!.
(3)
في القفص الحديدي، كادت أنفاسه تخرج من قفصه الصدري، شاركه الحبس كل من ذكر اسمه، وراحت تتلى عليهم قائمة الاتهامات الموجهة لهم كل حسب اسمه وصفته...
بدأ الخوف والفزع يتملكه، والوقت يمر عليه كالدهر؛ فلا حيلة للإنكار، ولا وسيلة للهروب، ولا صديق ولا أهل ولا مدافع، والتهمة الأخيرة تخترق أذنيه، ترجف قلبه، تفصد جبينه، وتعقد لسانه: 
ـ "بلغت صلواتك الفائتة 99 صلاة؛ ما قولك؟
أذان الفجر يوقظه قبل اكتمال العدد مائة.