الاثنين، 3 أكتوبر 2011

ثورة جدران

ثورة جدران
بقلم: د.مرفت محرم
.........................

قبل ولوجه إلى الدار، عائدا من غربته الطويلة، راح يتأمل جدرانها التي كانت مزدانة بثوبها الأبيض، مباهية بحسنها وبهائها، تلك الدار التي بناها الأجداد وحماها وحافظ عليها الأبناء والأحفاد... وما أن استعاد في رأسه شريط ذكريات الطفولة والصبا والشباب؛ حتى استوقفته تلك العبارات المتناقضة التي شوهت الحائط بمداد أسود كئيب، كلون تلك الأعوام التي قضاها في بلاد باردة، لا تعرف دفء المشاعر، ولا عمق الترابط الأسري، الذي كان يحياه هنا في هذا البيت، قبل أن تتحول حوائطه إلى ساحة عداء واستعداء، لنشر الفرقة والبغضاء...

حاول بدموعة التي انسكبت كشلال منهمر أن يزيل ما علق بالحائط من أوساخ، لكن محاولاته الحثيثة باءت بالفشل...

في الصباح استعد بكل همة لإنجاز المهمة التي لم يستطع تحقيقها بالأمس؛ فخرجت معه أسرته عن بكرة أبيها، عاقدين العزم على إزالة هذا التشوه ودرئه عن دارهم؛ فكانت المفاجأة في انتظارهم:
تحولت غيوم السماء إلى مطر غزير؛ فأزالت قشرة البياض الملوث، وشمر الطوب الأحمر عن ساعده، في مواجهة من تسول له نفسه إعادة الكرة، مرة أخرى.