الأحد، 4 سبتمبر 2011

خيال قارئ

خيال قارئ
بقلم الدكتورة: مرفت محرم
(1)
من غرفته التي اكتظت بالكتب والمجلات والموسوعات، صاح مهللا ومكبرا:
ـ وجدتها... وجدتها
انطلقت أمه فرحة مسرورة:
ـ اللهم اجعله خيرا، من هي يا بني، قل وأسعد قلبي
ـ وجدت المجلة الدينية التي كنت أبحث عنها.
ـ ربنا يكملك بعقلك يا بني، مجلة؟!، هذه الكتب والمجلات هي التي أفقدتك عقلك، وسلبتك وقتك وصحتك وشبابك... أريد أن أفرح بك قبل أن أموت يا أمجد.
ـ كلنا سنموت يا أمي، فهل نستعد للموت بالأفراح والليالي الملاح؟! هذه المقالة الهامة توضح أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار، إسمعي يا أمي؛ سأقرأها لكِ...
نظرت إليه أمه بأسى وحزن عميق، وذهبت لتحضر له فنجان القهوة الصباحي المعتاد، وهي تردد بتأثر شديد:
ـ ربنا ينتقم منهم الذين لحسوا عقلك...
(2)
يلتهم أمجد بعينيه المقال المنشور في مجلته الأثيرة، ويرتشف بين الفينة والفينة رشفات من فنجان قهوته، يعقبها بنفس من سيجارتة الممسك بها بين إصبعيه السبابة والوسطى، ومع انطلاق سحب الدخان، ذهب خياله بعيدا بعيدا؛ حيث شاهد الأبرار وهم يتمتعون بنعيم الجنة، والأشرار يستغيثون من عذاب النار؛ تاقت نفسه لمرافقة أهل الجنة؛ فانطلق نحو أحد أشجارها الدانية ثمارها، ليقطف واحدة منها، لكنه كلما مد يده؛ لسعته النار وأبعدته... أخذ يحدث نفسه:
ـ أنا لم أعصِ الله، ولم أقطع رحما، ولم أقصر في صلاة ولا صيام ولا زكاة، فلمَّ يعاقبني الله؟
 ظل في هذا الصراع بين محاولتة اقتطاف الثمرة، ولسعة النار التي تبعده عنها، إلى دخلت عليه أمه بفزع ورعب:

ـ لهفي عليك؛ السيجارة التهمت أصابعك يا بني.