الأحد، 1 مايو 2011

زمزم بقلم د.مرفت محرم

زمزم
بقلم د.مرفت محرم

(1)
المنزل الذي خيم عليه السكون والحزن أياما وليالٍ، كان في شوق للقاء صاحبه الشيخ سعيد، الذي ما إن عاد من رحلة الحج؛ حتى تهلل بشرا وسعادة، وارتدي حلة من البياض الناصع، وعقوداً متلألئة من المصابيح الملونة، وتعالت من داخله الزغاريد، وابتهجت البيوت المجاورة لبهجته، وتحولت القرية إلى عرس كبير...
جلس العريس في المندرة، مستقبلا وفود المهنئين:
ـ نورت بيتك ياحاج، حمد لله على سلامتك
ـ يوعدكم ربنا بزيارة النبي
ـ صحبه إن شاء الله...
ووقفت زوجته (أم أحمد) توزع الشربات، ومع كل كوب تنطلق الزغاريد:
ـ شكرا يا ام أحمد
ـ هنيئا، عقبال مانشرب شربات حجازك ان شاء الله.
(2)
وسط هذه الحالة من البهجة والانشراح؛ دلف أحمد إلى غرفة المسافرين، حيث توجد حقائب الهدايا، امتدت يده نحو الكرة، وصرخ فرحا:
ـ إنها الكرة التي كنت أتمناها، تشبه كرة كابتن ميمو
أخذ يركلها بقدمه لأعلى ويتلقاها برأسه مرارا، ثم مالبثت أن انطلقت الكرة رغما عنه لتصطدم بقارورة كبيرة؛ فتوقعها على الأرض، ويندلق ما بداخلها
لم تدم حالة الارتباك والقلق طويلا؛ فقد هداه تفكيره إلى حل.
(3)
ـ أم أحمد هاتِ الهدايا ووزعيها عليهم، وقبل هذا اسقيهم من ماء زمزم.
هكذا نادى الشيخ سعيد على زوجته، والتي ما إن سمعت النداء حتى انطلقت ملبية:
ـ شربوا من ماء زمزم ياحاج، والهدايا وزعها أنت بيدك حتى تحل البركة.
(4)
في صباح اليوم التالي، توافد رهط من الجيران وكل منهم يحمل قنينة فارغة:
ـ والنبي يا أم أحمد جرعة من ماء زمزم، فقد كان لها مفعول السحر في علاج ابني.
ـ والبنت بهانه شربت جرعة، بنية ان ربنا يوعدها بابن الحلال؛ جالها عريس في الحال.
ـ وزوجي من أسبوع جالس بلا عمل؛ ربنا رزقه بشغل ما كان يخطر على البال.
ـ ماء زمزم كلها بركة، روح ربنا يكرمك ياشيخ سعيد، ويجازيك عنا خير أنت وزوجتم ويخليلكم ابنكم أحمد ويبارك فيه ويتربي في عزكم يارب.
راحت أم أحمد تصب لهم من القنينة الكبيرة فيما يحملونه من قنينات.
كان أحمد يرقب المشهد من بعيد، وهو في حالة من الدهشة والاستغراب...
وما إن انصرفوا حتى همس لأمه:
إن ماشربوه وعالجهم، ورزق ابنتهم بابن الحلال، وأوجد عملا لعز الرجال؛ ليس إلا ماء من الصنبور، ملأت به القنينة الكبيرة التي أوقعتها الكرة بالأمس.