الخميس، 6 مارس 2014

سكر نبات: بقلم د.مرفت محرم



سكر نبات: بقلم د.مرفت محرم
صمت ثقيل يخيم على الرصيف المقابل لصيدلية الأمل، يقتلعه فجأة صفيرُ لكابح سيارة، وتأوهات مريض
ينزل أحد المرافقين بسرعة البرق، كغارق في بحيرة حزن، وقبل أن يدخل من باب الصيدلية يصيح ملوحاً بورقة هي أشبه بطوق النجاة:
ـ بسرعة وحياة أولادك يادكتور
انتفض فؤاد من فوره، متخلياً عن مداعبة طفله، وراح بهمة يلتقط العلب من الرفوف؛ بمهارة قاطف الثمار المحترف، من أشجار حديقة غناء

قبل أن يكمل مهمته انبعث من الداخل صوت ارتطام علبة دواء بالأرض، نظر من خلال الحاجز الزجاجي، محذراً ولده من الاقتراب من شظايا الزجاج
أسكن خوفه على ابنه؛ حرصه على استكمال عمله.

في الداخل انبعثت رائحة الفراولة، فلم يكتف عاشقها بها وراح يلعق من سائلها المسال، لم يعجبه هذا الطعم المقزز الممزوج بها أو الممزوجة به، فامتدت يده الصغيرة نحو حبات (الملبس) الزرقاء:
ـ هي ذاتها التي يتناولها أبي كل مساء، ويمنعها عني بحجة أنها دواء.
أفرغ محتويات العلبة في فمه وجرشها بأسنانه، وقبل أن يفاجئه والده بالسؤال؛ ابتلع الإجابة.

في الطريق إلى المشفي كغارق في محيط الرعب عرج فؤاد بابنه على صديقه الدكتور باسم الذي يعمل في أحد مصانع الأدوية؛ ليستشيره في الأمر
قهقه باسم عالياً؛ فباغته:
ـ هل هذا وقت مزاح؟!
انقلبت قسمات وجهه فجأة إلى تضاريس صحراوية، وسأله بصرامة وجدية:
ـ (فيك من يكتم السر) يافؤاد؟
ـ في بئر، (قل وخلصني)
ـ لا تقلق ياصديقي فهذه الكبسولات معبأة بمسحوق الحلبة وسكر النبات، تبيعها بعض المصانع والشركات الكبيرة على أنها تلك المنشطات الشهيرة.
تكسرت نظراته الحادة نحو طفله، وجف الماء في حلقه؛ فأسعفته الدموع.
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2014/03/08/322753.html